الجلطات السطحية قد تؤدي إلى جلطات أخرى أكثر خطورة
الجلطات الدموية هي من الظواهر الطبية التي يمكن أن تمثل تهديدًا خطيرًا لصحة الإنسان، وقد تحدث في العديد من الأماكن داخل الجسم. إحدى تلك الأنواع هي الجلطات السطحية، والتي بالرغم من كونها قد تبدو في البداية أقل خطورة من أنواع الجلطات الأخرى، إلا أنها قد تكون بمثابة “إنذار مبكر” لحدوث جلطات دموية أكثر خطورة في المستقبل. في هذا المقال، سنتناول بالشرح كيف أن الجلطات السطحية يمكن أن تؤدي إلى تطور جلطات أكثر تعقيدًا وخطورة، وكيفية تأثير ذلك على صحة الإنسان بشكل عام.
تعريف الجلطات السطحية
الجلطات السطحية هي تلك التي تتشكل في الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد، مثل الأوردة الصغيرة. وعادة ما تحدث هذه الجلطات بسبب تباطؤ تدفق الدم أو بسبب تلف جدران الأوعية الدموية. تُسمى هذه الجلطات أحيانًا بـ “تجلطات الأوردة السطحية” وتحدث عادة في الأطراف السفلى من الجسم، مثل الساقين.
غالبًا ما تظهر الجلطات السطحية على شكل تورم وألم في المنطقة المتأثرة، وقد تكون مرئية بشكل غير مباشر من خلال الجلد، حيث يظهر الجلد بشكل أحمر أو أزرق داكن. في بعض الحالات، قد لا يلاحظ الشخص وجود الجلطات السطحية إلا عند حدوث ألم أو تورم مفاجئ.
الأسباب الرئيسية للجلطات السطحية
هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى حدوث الجلطات السطحية، وتختلف هذه العوامل من شخص لآخر. يمكن تلخيص الأسباب الرئيسة التي تساهم في تكون الجلطات السطحية كما يلي:
-
الركود الدموي: يحدث بسبب قلة حركة الدم في الأوردة، مما يؤدي إلى تكوين خثرات دموية. يُلاحظ هذا بشكل خاص في الأشخاص الذين يعانون من قلة الحركة مثل الذين يخضعون لراحة سريرية طويلة أو أولئك الذين يقضون وقتًا طويلاً في الجلوس أو الوقوف.
-
التلف في جدران الأوعية الدموية: قد يتسبب أي نوع من الإصابات أو الالتهابات في الأوعية الدموية السطحية في حدوث جلطات. قد يكون لهذا علاقة بالإجراءات الجراحية أو الخدوش أو الجروح التي تتعرض لها الأوردة الصغيرة.
-
التخثر الدموي: يحدث بسبب اضطراب في قدرة الدم على التجلط بشكل طبيعي، ما يزيد من خطر تكون الجلطات. يعد ارتفاع مستويات بعض المواد المسببة للتخثر في الدم، مثل الفيبرين، من الأسباب التي قد تؤدي إلى تكون الجلطات السطحية.
-
الأدوية والعوامل الوراثية: بعض الأدوية مثل أدوية منع الحمل، وكذلك بعض العوامل الوراثية التي تؤثر على قدرة الدم على التجلط، يمكن أن تسهم في ظهور الجلطات السطحية.
-
الالتهابات والأمراض المزمنة: بعض الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب قد تزيد من احتمالية حدوث جلطات في الأوعية الدموية السطحية.
كيف يمكن أن تتحول الجلطات السطحية إلى جلطات أكثر خطورة؟
في البداية، قد يظن البعض أن الجلطات السطحية ليست سوى مشكلة بسيطة يمكن التعامل معها بسهولة، ولكن في الواقع، قد تكون هذه الجلطات بداية لظروف أكثر خطورة. التجلطات السطحية قد تتحول إلى جلطات عميقة في الأوردة، وهو ما يسمى بـ “الخثار الوريدي العميق” (DVT)، وهو نوع من الجلطات التي تحدث في الأوردة العميقة، وخاصة في الساقين.
1. تحرك الجلطات السطحية نحو الأوردة العميقة
عندما تتكون الجلطات السطحية، لا تقتصر هذه الجلطات على البقاء في الأوردة القريبة من سطح الجلد فقط. في بعض الأحيان، يمكن أن تنفصل الجلطات السطحية عن جدار الوريد، لتنتقل عبر مجرى الدم إلى الأوردة العميقة. وعندما يحدث ذلك، تصبح الجلطات أكثر تهديدًا، حيث يمكن أن تتحرك إلى الرئتين، وتسبب ما يُعرف بـ “الانسداد الرئوي”، وهو حالة طبية طارئة يمكن أن تكون مميتة في بعض الأحيان.
2. الزيادة في حجم الجلطات
بعض الجلطات السطحية قد تتطور مع مرور الوقت لتصبح أكبر حجمًا وتؤثر على تدفق الدم بشكل أكبر. هذه الجلطات الأكبر يمكن أن تُعيق تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية، مما يتسبب في مضاعفات صحية مثل الألم المزمن، تورم الأنسجة، أو تقرحات الجلد.
3. التسبب في الخثار الوريدي العميق (DVT)
الخثار الوريدي العميق هو حالة طبية أكثر خطورة حيث تتكون جلطات دموية في الأوردة العميقة في الساقين أو الأجزاء السفلية من الجسم. وعادة ما تكون هذه الجلطات أكثر صعوبة في التعامل معها، وقد تؤدي إلى مضاعفات كبيرة مثل الانسداد الرئوي أو السكتات الدماغية. إذا لم يتم علاج الجلطات السطحية بشكل مناسب، فقد تؤدي إلى زيادة خطر حدوث الخثار الوريدي العميق.
العوامل التي تزيد من خطر تطور الجلطات السطحية إلى جلطات أكثر خطورة
توجد العديد من العوامل التي قد تزيد من فرصة تحول الجلطات السطحية إلى جلطات أكثر خطورة. من بين هذه العوامل:
-
السن: كبار السن هم أكثر عرضة لتكون الجلطات بسبب التغيرات في تدفق الدم وضعف الأوعية الدموية.
-
السمنة: تؤدي السمنة إلى زيادة الضغط على الأوردة في الساقين، مما يعزز من احتمالية تكوّن الجلطات.
-
الإصابات السابقة: إذا كان الشخص قد تعرض لإصابة في الأوردة أو جراحة سابقة، فإن هذا يزيد من خطر تكوّن جلطات إضافية.
-
قلة النشاط البدني: الأشخاص الذين لا يتحركون كثيرًا، مثل أولئك الذين يمضون فترات طويلة من الوقت جالسين أو راقدين في الفراش، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالجلطات السطحية.
-
العوامل الوراثية: بعض الأشخاص قد يكون لديهم ميل وراثي لتكوين جلطات دموية بسبب تشوهات في الجينات المسؤولة عن تخثر الدم.
الأعراض والعلاج
من المهم أن يكون الشخص على دراية بالأعراض المرتبطة بالجلطات السطحية، مثل:
-
تورم في منطقة الإصابة
-
احمرار أو تغير في لون الجلد
-
الشعور بالألم أو الوجع عند لمس المنطقة المتأثرة
-
سخونة الجلد في المنطقة المتأثرة
على الرغم من أن الجلطات السطحية قد تكون أقل خطورة من الأنواع الأخرى، إلا أن العلاج المبكر مهم لتجنب تطورها إلى جلطات أكثر خطورة. يشمل العلاج عادة استخدام أدوية مضادة للتخثر، مثل الهيبارين أو الوارفارين، لتقليل خطر تكون جلطات جديدة. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر أيضًا التدخل الجراحي لإزالة الجلطات أو تحسين تدفق الدم.
الوقاية والتعامل مع الجلطات السطحية
الوقاية من الجلطات السطحية تتطلب اهتمامًا مستمرًا بصحة الأوعية الدموية. يمكن أن يساعد الحفاظ على الوزن المثالي، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتجنب الجلوس لفترات طويلة في الوقاية من تكوّن الجلطات. علاوة على ذلك، من المهم أن يكون الشخص على دراية بالمخاطر والعوامل المساعدة على تكوّن الجلطات، مثل التدخين أو العوامل الوراثية، والعمل على تجنب هذه العوامل.
الخاتمة
الجلطات السطحية قد تكون بداية لمشاكل صحية أكبر بكثير إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب. من الضروري أن يكون الأفراد الذين يعانون من جلطات سطحية على دراية بالمخاطر المحتملة وأن يسعون للحصول على علاج فور ظهور الأعراض. التعامل المبكر مع هذه الجلطات قد يساعد في منع تطورها إلى حالات أكثر خطورة مثل الخثار الوريدي العميق أو الانسداد الرئوي.
